الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ الجبرتي المسمى بـ «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» **
واستهل المحرم بيوم الإثنين ووالي مصر وحاكمها الوزير محمد علي باشا وهو المتصرف فيها قبليها وبحريها بل والأقطار الحجازية وضواحيها وبيده أزمة الثغور الإسلامية ووزيره محمد بك لاظ المعروف بكتخدا بك وهو قائم مقامه في حال غيابه وحضوره والمتصدر في ديون الأحكام الكلية والجزئية وفصل الخصومات ومباشرة الأحوال نافذ الكلمة وافر الحرمة وآغات الباب إبراهيم آغا ومتولي أيضًا أمر تعديل الأصناف ليوفر على الخزينة ما يأكله المتولي على كل صنف ويخفي أمره فيشدد الفحص في المكيل والموزون والمذروع حتى يستخرج المخبأ ولو قليلًا فيجتمع من القليل الكثير من الأموال فيحاسب المتولي مدة ولايته فيجتمع له ما لا قدرة له على وفاء بعضه لأن ذلك شيء قد استهلك في عدة أيدي أشخاص واتباع ويلزم الكبير بأدائه ويقاسي ما يقاسيه من الحبس والضرب وسلب النعمة ومكابدة الأهوال وسلحدار الباشا سليمان آغا عوضًا عن صالح بك السلحدار لاستعفائه عنها في العام السابق وهو السلط على أخذ الأماكن وهدمها وبنائها خانات ورباعًا وحوانيت فيأتي إلى الجهة التي يختار البناء فيها ويشرع في هدمها ويأتيه أربابها فيعطيهم أثمانها كما هي في حججهم القديمة وهو شيء نادر بالنسبة لغلو أثمان العقارات في هذا الوقت لعموم التخرب وكثرة العالم وغلاء المؤن وضيق المساكن بأهلها حتى أن المكان الذي كان يؤجر بالقليل صار يؤجر بعشرة أمثال الأجرة القديمة ونحو ذلك ومحمود بك الخازندار وخدمته قبض أموال البلاد والأطيان والرزق وما يتعلق بذلك من الدعاوي والشكاوي وديوانه بخط سويقة اللالا والمعلم غالي كاتب سر الباشا ورئيس الأقباط وكذلك الدفتردار محمد بك صهر الباشا وحاكم الجهة القبلية والروزنامجي مصطفى أفندي وآغا مستحفظان حسن آغا البهلوان والزعيم علي آغا الشعرواي ومصطفى آغا كرد المحتسب وقد بردت همته عما كان عليه ورجع الحال في قلة الأدهان كالأول وازدحم الناس على معمل الشمع فلا يحصل الطالب منه شيئًا إلا بشق الأنفس وكذلك انعدم وجود بيض الدجاج لعدم المجلوب ووقوف العسكر ورصدهم من يكون معه شيء منه من الفلاحين الداخلين إلى المدينة من القرى فيأخذونه منهم بدون القيمة حتى بيعت البيضة الواحدة بنصفين وأما المعاملة فلم يزل أمرها في اضطراب بالزيادة والنقص وتكرار المناداة كل قليل وصرف الريال الفرانسة إلى أربعمائة نصف فضة والمحبوب إلى أربعمائة وثمانين والبندقي إلى تسعمائة نصف والمجر إلى ثمانمائة نصف وأما هذه الأنصاف العددية التي تذكر فهي أسماء لا وجود لمسمياتها في الأيدي. وفي ثاني عشره سافر الباشا إلى جهة الإسكندرية لمحاسبة الشركاء والنظر في بيع الغلال والمتاجر والمراسلات. وفي تاسع عشره ارتحلت عساكر أتراك ومغاربة مجردة إلى الحجاز. واستهل شهر صفر بيوم الأربعاء سنة 1233 في ثالث عشره وصل الكثير من حجاج المغاربة. وفي يوم الجمعة سابع عشره وصل جاويش الحاج وفي ذلك اليوم وقت العصر ضربوا عدة مدافع من القلعة لبشارة وصلت من إبراهيم باشا بأنه حصلت له نصرة وملك بلدة من بلاد الوهابية وقبض على أميرها ويسمى عتيبة وهو طاعن في السن. واستهل شهر ربيع الأول بيوم الجمعة سنة 1233 فيه وصل قابجي من دار السلطنة فعملوا له موكبًا وطلع إلى القلعة وضربوا له شنكًا سبعة أيام وهي مدافع تضرب في كل وقت من الأوقات الخمسة. وفي هذا الشهر انعدم وجود القناديل الزجاج وبيع القنديل الواحد الذي كان ثمنه خمسة أنصاف بستين نصفًا إذا وجد. واستهل شهر ربيع الثاني بيوم السبت سنة 1233 ووفقه أيضًا أول أمشير القبطي. وفي منتصفه سافر أولاد سلطان المغرب والكثير من حجاج المغاربة وكانوا في غاية الكثرة بحيث ازدحمت منهم أسواق المدينة وبولاق وما بينهما من جميع الطرق فكانوا يشترون الأغنام من الفلاحين ويذبحونها ويبيعوها على الناس جزافًا من غير وزن بعد أن يتركوا لأنفسهم مقدار حاجتهم فذهب الكثير لشراء منهم بسبب رداءة اللحم الموجود بحوانيت الجزارين ولو وقف عليهم بالثمن الزائد. وفي أواخره حضر مبشر من ناحية الديار الحجازية يخبر بنصرة حصلت لإبراهيم باشا وأنه استولى على بلدة تسمى الشقراء وأن عبد الله بن مسعود كان بها فخرج منها هاربًا إلى الدرعية ليلًا وأن بين عسكر الأتراك والدرعيين مسافة يومين فلما وصل هذا المبشر ضربوا لقدومه مدافع من أبراج القلعة وذلك وقت الغروب من يوم الأربعاء سادس عشرينه. واستهل شهر جمادى الأولى بيوم الأحد سنة 1233 فيه نودي على طائفة المخالفين للملة من الأقباط والأروام بأن يلزموا زيهم من الأزرق والأسود ولا يلبسوا العمائم البيض لأنهم خرجوا عن الحد في كل شيء ويتعممون بالشيلان الكشميري الملونة والغالية في الثمن ويركبون الرهوانات والبغال والخيول وأمامهم وخلفهم الخدم بأديدهم العصي يطردون الناس عن طريقهم ولا يظن الرائي لهم إلا أنهم من أعيان الدولة ويلبسون الأسلحة وتخرج الطائفة منهم إلى الخلاء ويعملون لهم نشنبًا يضربون عليه بالبنادق الرصاص وغير ذلك فما أحسن هذا النهي لو دام. وفي يوم السبت حادي عشرينه حضر الباشا من غيبته بالإسكندرية أواخر النهار فضربوا لقدومه مدافع فبات بقصر شبرا وطلع في صبحها إلى القلعة فضربوا بها مدافع أيضًا فكانت مدة غيبته بالإسكندرية أربعة أشهر وتسعة أيام. وفي أواخره وصل هجان من شرق الحجاز ببشارة بأن إبراهيم باشا استولى على بلد كبير من بلاد الوهابية ولم يبق بينه وبين الدرعية إلا ثمان عشرة ساعة فضربوا شنكًا ومدافع. وفيه وصل هجان من حسن باشا الذي بجدة بمراسلة يخبر فيها بعصيان الشريف حمود بناحية يمن الحجاز وأنه حاصر من بتلك النواحي من العساكر وقتلهم ولم ينج منهم إلا القليل وهو من فر على جوائد الخيل. ووقع فيه أيضًا الاهتمام في تجريد عساكر للسفر وأرسل الباشا بطلب خليل باشا للحضور من ناحية بحري هو وخلافه وحصل الأمر بقراءة صحيح البخاري بالأزهر فقرئ يومين وفرق على مجاوري الأزهر عشرة أكياس وكذلك فرقت دراهم على أولاد المكاتب. واستهل شهر جمادى الثانية سنة 1233 في منتصفه ليلة الثلاثاء حصل خسوف للقمر في سادس ساعة من الليل وكان المنخسف منه مقدار النصف وحصل الأمر أيضًا بقراءة صحيح البخاري بالأزهر. وفيه ورد الخبر بموت الشريف حمود وأنه أصيب بجراحة مات بها. وفي يوم الثلاثاء تاسع عشرينه حصل كسوف للشمس في ثالث ساعة من النهار وكان وفي ذلك اليوم ضربت مدافع لوصول بشارة من إبراهيم باشا بأنه ملك جانبًا من الدرعية وأن الوهابية محصورون وهو ومن معه من العربان محيطون بهم. واستهل شهر شعبان سنة 1233 فيه حضر خليل باشا وحسين بك دالي باشا من الجهة البحرية ونزلوا بدورهم. واستهل شهر رمضان بيوم الأحد سنة 1233 في منتصفه وصل نجاب وأخبر بأن إبراهيم باشا ركب إلى جهة من نواحي الدرعية لأمر يبتغيه وترك عرضيه فاغتنم الوهابية غيابه وكبسوا على العرضي على حين غفلة وقتلوا من العساكر عدة وافرة وأحرقوا الجبخانه فعند ذلك قوي الاهتمام وارتحل جملة من العساكر في دفعات ثلاث برًا وبحرًا يتلو بعضهم بعضًا في شعبان ورمضان وبرز عرضي خليل باشا إلى خارج باب النصر وترددوا في الخروج والدخول واستباحوا القطر في رمضان بحجة السفر فيجلس الكثير منهم بالأسواق يأكلون ويشربون ويمرون بالشوارع وبأيديهم أقصاب للدخان والتتن من غير احتشام ولا احترام لشهر الصوم وفي اعتقادهم الخروج بقصد الجهاد وغزو الكفار المخالفين لدين الإسلام وانقضى شهر الصوم والباشا متكدر الخاطر ومتقلق. وكان هلاله عسر الرؤية جدًا فحضر جماعة من الأتراك إلى المحكمة وشهدوا برؤيته. وفي ذلك اليوم الموافق لثامن عشرة شهر أبيب القبطي أوفى النيل أذرعه فأخروا فتح سد الخليج ثلاثة أيام العيد ونودي بالوفاء يوم الأربعاء وحصل الجمع يوم الخميس رابعه وحضر فتح الخليج كتخدا بك والقاضي ومن له عادة بالحضور فكان جمعًا وازدحامًا عظيمًا من أخلاط العالم في جهة السد والروضة تلك الليلة واشتغلت النار في الحريقة واحترق فيها أشخاص ومات بعضهم. وفي سادسه يوم السبت خرج خليل باشا المعين إلى السفر في موكب وشق من وسط المدينة وخرج من باب النصر وعطف على باب الفتوح ورجع إلى داره في قلة من أتباعه في طريقه التي خرج منها. وفيه انتدب مصطفى آغا المحتسب ونادى في المدينة ويأمر الناس بقطع أراضي الطرقات والأزقة حتى العطف والحارات الغير النافذة فأخذ أرباب الحوانيت والبيوت يعملون بأنفسهم في قطع الأرض والحفر ونقل الأتربة وحملها من خوفهم من أذيته ولعدم الفعلة والأجراء واشتغال حمير الترابين باستعمالهم في عمائر أهل الدولة فلو كان الاهتمام في قطع أرض الخليج الذي يجري به الماء فإنه لم تقطع أرضه وينقطع جريانه في أيام قليلة لعلو أرضه من الطمي وبما يتهدم عليه من الدور القديمة وما يلقيه على ذلك بهذه الفعلة إلقاء ما يحفرونه وينقلونه من أتربة الأزقة والبيوت القديمة منه فيه ليلًا ونهارًا. وفي ثامنه ارتحل خليل باشا مسافرًا إلى الحجاز من القلزم وعساكره الخيالة على طريق البر. وفي يوم السبت ثالث عشره نزلوا بكسوة الكعبة إلى المشهد الحسيني على العادة. وفي يوم الاثنين ثاني عشرينه عمل الموكب لأمير الحاج وهو حسين بك دالي باشا وخرج بالمحمل خارج باب النصر تجاه الهمائل ثم انتقل في يوم الأربعاء إلى البركة وارتحل منها يوم الاثنين تاسع عشرينه وسافر الكثير من الحجاج وأكثر فلاحي القرى والصعايدة ومن باقي الأجناس مثل المغاربة والقرمان والأتراك أنفار قليلة. وفي ذلك اليوم وصل قبجي وعلى يده تقرير لحضرة الباشا على السنة الجديدة وطلع إلى القلعة في موكب وقرئ التقرير بحضرة الجمع وضربت مدافع كثيرة وكذلك وصل قابجي صحبته فرمان بشارة بمولود ولد لحضرة السلطان فعمل له شنك ومدافع ثلاثة أيام في الأوقات الخمسة وذلك في منتصفه. واستهل شهر ذي القعدة بيوم الأربعاء سنة 1233 وانقضى والباشا منفعل الخاطر لتأخر الأخبار وطول الانتظار وكل قليل يأمر بقراءة صحيح البخاري بالأزهر ويفرق على صغار المكاتب والفقراء دراهم ولضيق صدره واشتغال فكره لا يستقر بمكان فيقيم بالقلعة قليلًا ثم ينتقل إلى قصر شبرا ثم إلى قصر الآثار ثم الأزبكية ثم الجيزة وهكذا. واستهل شهر ذي الحجة الحرام بيوم الجمعة 1233 في سابعه وردت بشائر من شرق الحجاز بمراسلة من عثمان آغا الورداني أمير الينبع بأن إبراهيم باشا استولى على الدرعية والوهابية فانسر الباشا لهذا الخبر سرورًا عظيمًا وانجلى عنه الضجر والقلق وأنعم على المبشر وعند ذلك ضربوا مدافع كثيرة من القلعة والجيزة وبولاق والأزبكية وانتشر المبشرون على بيوت الأعيان لأخذ البقاشيش. وفي ثاني عشره وصل المرسوم بمكاتبات من السويس والينبع وذلك قبل العصر فأكثروا من ضرب المدافع من كل جهة واستمر الضرب من العصر إلى المغرب بحيث ضرب بالقلعة خاصة ألف مدفع وصادف ذلك شنك أيام العيد وعند ذلك أمر بعمل مهرجان وزينة داخل المدينة وخارجها وبولاق ومصر القديمة والجيزة وشنك على بحر النيل تجاه الترسخانه ببولاق من النجارين والخراطين والحدادين وتقيد لذلك أمين أفندي المعمار وشرعوا في العمل وحضر كشاف النواحي والأقاليم بعساكرهم وأخرجوا الخيام والصواوين والوطاقات خارج باب النصر وباب الفتوح وذلك يوم الثلاثاء سادس عشرينه ونودي بالزينة وأولها الأربعاء فشرع الناس في زينة الحوانيت والخانات وأبواب الدور ووقود القناديل والسهر وأظهروا الفرح والملاعيب كل ذلك مع ما الناس فيه من ضيق الحال والكد في تحصيل أسباب المعاش وعدم ما يسرجون به من الزيت والشيرج والزيت الحار وكذا السمن فإنه شح وجوده ولا يوجد منه إلا القليل عند بعض الزياتين ولا يبيع الزيات زيادة عن الأوقية وكذلك اللحم لا يوجد منه إلا ما كان في غاية الرداءة من لحم النعاج الهزيل وامتنع أيضًا وجود القمح بالساحل وعرصات الغلة حتى الخبز امتنع وجوده بالأسواق ولما أنهي الأمر إلى من لهم ولاية الأمر فأخرجوا من شون الباشا مقدارًا ليباع في الرقع وقد أكلها السوس ولا يباع منها أزيد من الكيلة أكثرها مسوس وكذلك لما شكا الناس من عدم ما يسرج به في القناديل أطلقوا للزياتين مقدار من الشيرج في كل يوم يباع في الناس لوقود الزينة وفي كل يوم يطوف المنادي ويكرر المناداة بالشوارع على الناس بالسهر والوقود والزينة وعدم غاق الحوانيت ليلًا ونهارًا وانقضى العام بحوادثه ومعظمها مستمر. فمنها وهو أعظمها شدة الأذية والضيق خصوصًا بذوي البيوت والمساتير من الناس بسبب قطع إيرادهم وأرزاقهم من الفائظ والجامكية السائرة والرزق الأحباسية وضبط الأنوال التي تقدم ذكرها وكان يتعيش منها ألوف من العالم ولما اشتد الضنك بالملتزمين وتكرر عرضحالهم فأمر لهم بصرف الثلث وتحول المصرفجي على بعض الجهات فكان كلما اجتمع لديه قدر يلحقه الطلب بحوالة من لوازم عساكر السفر المجردين وانقضى العام وأكثر الناس لم يحصل على شيء وذلك لكثرة المصاريف والإرساليات من الذخائر والغلال والمؤن وخزائن المال من أصناف خصوص الريال الفرانسه والذهب البندقي ولمحبوب الإسلامي بالأحمال وهي الأصناف الرائجة بتلك النواحي وأما القروش فلا رواج لها إلا بمصر وضواحيها فقط أخبرني أحد أعيان كتاب الخزينة عن أجرة حمل الذخيرة على جمال العرب خاصة في مرة من المرات خمسة وأربعين ألف فرانسه وذلك من الينبع إلى المدينة حسابًا عن أجرة كل بعير ستة فرانسه يدفع نصفها أمير الينبع والنصف الأخير يدفعه أمير المدينة عند وصول ذلك ثم من المدينة إلى الدرعية ما يبلغ المائة والأربعين ألف فرانسه وهو شيء مستمر التكرر والبعوث ويحتاج إلى كنوز قارون وهامان وإكسير جابر بن حيان. ومنها العمارة التي أمر بإنشائها الباشا المشار إليه بين السورين وحارة النصارى المعروفة بخميس العدس المتوصل منها إلى جهة الخرنفش وذلك بإشارة أكابر نصارى الإفرنج ليجتمع بها أرباب الصنائع الواصلون من بلاد الإفرنج وغيرهم وهي عمارة عظيمة ابتدؤا فيها ممن العام الماضي واستمروا مدة في صناعة الآلات الأصولية التي يصطنع بها اللوازم مثل السندالات والمخارط للحديد والقواديم والمناشير والتزجات ونحو ذلك وأفردوا لكل حرفة وصناعة مكانًا وصناعًا يحتوي المكان على الأنوال والدواليب والآلات الغريبة الوضع والتركيب لصناعة القطن وأنواع الحرير والأقمشة والمقصبات. وفي أواخر هذا العام جمعوا مشايخ الحارات وألزموهم بجمع أربعة آلاف غلام من ألاد البلد ليشتغلوا تحت أيدي الصناع ويتعلموا ويأخذوا أجرة يومية ويرجعوا لأهاليهم أواخر النهار فمنهم من يكون له القرش والقرشان والثلاثة بحسب الصناعة وما يناسبها وربما احتيج إلى نحو العشرة آلاف غلام بعد إتمامها والمحتاج إليه في هذا الوقت القدر المذكور وهي كرخانه عظيمة صرف عليها مقادير عظيمة من الأموال. ومنها أنه ظهر بأراضي الأرز بالبحر الشرقي ناحية دمياط حيوان يخرج من البحر الشرقي في قدر الجاموس العظيم ولونه فيرعى الفدان من الزرع ثم يتقايا أكثره وكان ظهوره من العام الماضي فيجتمع عليه الكثير من أهل الناحية ويرجمونه بالحجارة ويضربون عليه بنادق الرصاص فلا تؤثر في جلده ويهرب إلى البحر واتفق أنه ابتلع رجلًا إلى أن أصيب في عينه وسقط وتكاثر عليه وقتلوه وسلخوا جلده وحشوه تبنًا وأتوا به إلى بولاق وتفرج عليه الباشا والناس وأخبرني غير واحد ممن رآه أنه أعظم من الجاموس الكبير طوله ثلاثة عشر قدمًا ولونه وجلده أملس ورأسه عظيم يشبه رأس ابن عرس وعيناه في أعلى دماغه واسع الفم وذنبه مثل ذنب السمك وأرجله غلاظ مثل أرجل الفيل في أواخرها أربع ظلوف طوال وأسفلها كخف الجمل وأدخلوه إلى بيت الإفرنج وأنعم به الباشا على بغوص الترجمان الأرمني وهو يبيعه على الإفرنج بثمن كبير. ومنها أن امرأة يقال لها الشيخة رقية تتزر بمئزر أبيض وبيدها خيزرانة وسبحة تطوف على بيوت الأعيان وتقرأ وتصلي وتذكر على السبحة ونساء الأكابر يعتقدون فيها الصلاح ويسألن منها الدعاء وكذلك الرجال حتى بعض الفقهاء وتجتمع على الشيخ العالم المعتقد الشيخ تعيلب الضرير ويكثر من مدحها للناس فيزدادون فيها اعتقادًا ولها بمنزل خليل بك طوقان النابلسي مكان مفرد تأوي إليه على حدتها وإذا دخلت بيتًا من البيوت قام إليها الخدم واستقبلوها بقولهم نهارنا سعيد ومبارك ونحو ذلك وإذا دخلت على الستات قمن إليها وفرحن بقدومها وقبلن يدها وتبيت معهن ومع الجواري فذهبت يومًا إلى دار الشيخ عبد العليم الفيومي وذلك في شهر شوال فتمرضت أيامًا وماتت فضجوا وتأسفوا عليها وأحبوا تغيير ما عليها من الثياب فرأوا شيئًا معجر ما بين أفخاذها فظنوه صرة دراهم وإذا هو آلة الرجال الخصيتان والذي فوقهما فبهت النساء وتعجبن وأخبروا الشيخ تعيلب بذلك فقال استروا هذا الأمر وغسلوه وكفنوه وواروه في التراب ووجدوا في جيبه مرآة وموسى وملقاطًا وشاع أمره واشتهر وتناقله الناس بالتحدث والتعجب. ومنها زيادة النيل في هذا العام الزيادة المفرطة التي لم تسمع ولم نر مثلها حتى غرق الزروع الصيفية مثل الذرة والنيلة والسمسم والقصب والأرز وأكثر الجنائن بحيث صار البحر وسواحله والملق لجة ماء وانهدم بسببه قرى كثيرة وغرق الكثير من الناس والحيوان حتى كان الماء ينبع بين الناس من وسط الدور واختلط بحر الجيزة ببحر مصر العتيقة حتى كانت المراكب تمشي فوق جزيرة الروضة وكثر عويل الفلاحين وصراخهم على ما غرق لهم من المزارع وخصوصًا الذرة الذي هو معظم قوتهم وكثير من أهل البلاد ندبوا بالدفوف. ومنها أن الباشا زاد في هذه السنة الخراج وجعل على كل فدان ستة قروش وسبعة وثمانية وذكر أنها مساعدة على حروب الحجاز والخوارج فدهي الفلاحون بهاتين الداهيتين وهي زيادة النيل وزيادة الخراج في غير وقت وأوان فإن من عادة الفلاحين وأهل القرى إذا انقضت أيام الحصاد والدراوي وشطبوا ما عليهم من مال الخراج لملتزميهم ويكون ذلك مبادي زيادة النيل وارتفع عنهم الطلب وارتحلت كشاف النواحي وقائمقام الملتزمين والصيارف والعينون وخلت النواحي منهم فعند ذلك ترتاح نفوسهم وتجتمع حواسهم ويعملون أعراسهم ويجدون ملبوسهم ويزوجون بناتهم ويختنون صبيانهم ويشيدون بنيانهم ويصلحون جسورهم وحبوسهم فإذا أخذ النيل في الزيادة شرعوا في زراعة الصيفي الذي هو معظم قوتهم وكسبهم حتى إذا انحسر الماء وانكشفت الأراضي وآن أوان التحضير وزراعة الشتوي من البرسيم والغلة وجدوا ما يسدون به مال التجهية وما يرقعون به أحوالهم من بهائم الحرث ومحاريث وتقاوي وأجر عمال ونحو ذلك فدهموا هذه السنة بهاتين الآفتين الأرضية والسماوية ورحل الكثير عن أهله ووطنه وكان ابتداء طلب هذه الزياجة قبل زيادة النيل ومجيء خبر النصرة فلما ورد خبر النصرة لم يرتفع ذلك. ومنها الاضطراب في المعاملة بالزيادة والنقص والمناداة عليها كل قليل والتنكيل والترك وبلغ الصرف البندقي ثمانمائة وثمانين نصفًا فضة والفرانسة أربعمائة نصف وعشرة والمحبوب أربعمائة وأربعين وهو المصري وأما الإسلامبولي فيزيد أربعين والمجر ثمانمائة نصف وأما هذه الأنصاف وهي الفضة العددية فهي أسماء من غير مسميات لمنعها واحتكارها فلا يوجد منها في المعاملة بأديد الناس إلا النادر جدًا ولا يوجد بالأيدي في محقرات الأشياء وغيرها إلا المجزأ بالخمسة والعشرة والعشرين وتصرف من اليهود والصيارف بالفرط والنقص ومن حصل بيده شيء من الأنصاف عض عليه بالنواجذ ولا يسمح بإخراج شيء منها إلا عند شدة الاضطرار اللازم. ومنها أن السيد محمد المحروقي أنشأ ببركة الرطلي دار وبستانًا في محل الأماكن التي تخربت في الحوادث وذلك أنه لما طرقت الفرنساوية الديار المصرية واختل النظام وجلا أكثر الناس عن أوطانهم وخصوصًا سكان الأطراف فبقيت دور البركة خالية من السكان وكان بها عدة من الديار الجليلة منها حسن كتخدا الشعراوي وتابعه عمر جاويش وداره على سمته أيضًا ودار علي كتخدا الخربطلي ودار قاضي البهار ودار سليمان آغا ودار الحموي وخلاف ذلك دور كانت جارية في وقف عثمان كتخدا القازدغلي وغيره وهذه الدور هي التي أدركناها بل سكنا بها عدة سنين وكانت في الزمن الأول عدة دور مختصرة يسكنها أهل الرفاهية من أهالي البلد وكان بها بيت البكرية القديم بالناحية الجنوبية تجاه زاوية جدهم الشيخ جلال الدين البكري وكان الناس يرغبون في سكناها لطيب هوائها وانكشاف الريح البحري بها وليس في تجاهها من البر الآخر سوى الأشجار والمزارع ويعبرها المراكب والسفائن والقنج في أيام النيل بالمتفرجين والمتنزهين وأهل الخلاعة بمزامرهم ومغانيهم ولصدى أصواتهم المطربة طرب آخر فلما انقشع عنها السكان تداعت الدور إلى الخراب وبقيت مسكنًا للبوم والغراب مدة إقامة الفرنساوية فلما حضر يوسف باشا الوزير في المرة الأولى وذلك سنة أربع عشرة ومائتين وألف وانتقض الصلح بينه وبين الفرنساوية وحصلت المفاقمة ووقعت الحروب داخل البلدة واحتاطت الفرنساوية بجهات البلد وجرى ما تقدم ذكره في الحوادث السابقة وكان طائفة من الفرنساوية أتوا إلى هذه البركة وملكوا التل المعروف بتل أبو الريش وأخذوا يرمون بالمدافع والقنابر على أهل باب الشعرية وتلك النواحي فما انجلت الحروب حتى خربت بيوت البركة وما كان بتلك النواحي من الدور التي بظاهرها وبقيت كيمانًا فحسن ببال السيد المذكور أن يجعل له سكنًا هناك فاحتكر أراضي تلك المساكن من أربابها من مدة سابقة ثم تكاسل عن ذلك واشتغل بتوسعة دار سكنه التي بخطة الفحامين محل دكة الحسبة القديمة حتى أتمها على الوضع الذي قصده ثم شرع في السنة الماضية في إنشاء سكن لخصوص نزاهته فشرع في تنظيف الأتربة وإصلاح الأرض وأنشأ دار متسعة وقيعانًا وفسحات وهي مفروشة بالرخام وحولها بستان وغرس به أنواع الأشجار ودوالي الكروم وهي بمكان حسن كتخدا ومن كان على سمته من الدور نحو الثلاثين وأنشأ كاتبه السيد عمر الحسيني دارًا عظيمة لخصوصه أخذ فيها باقي أراضي الأماكن وزخرفها وانتقل إليها بأهله وعياله وجعلها دارًا لسكناه صيفًا وشتاء وبنيا خارج ظاهرها حائطًا يكون لدورهما سورًا وعملا بها بوابة تفتح وتقفل وكان بجوار ذلك جامع متخرب يسمى جامع الحريشي فعمره أيضًا السيد محمد المحروقي وأقام حوائطه وأعمدته وسقفه وبيضه وأقام الخطبة آخر جمعة شهر المحرم وأما من مات في هذه السنة ممن له ذكر. فمات شيخ الإسلام وعمدة الأنام الفقيه العلامة والنحرير الفهامة الشيخ محمد الشنواني نسبة إلى شنوان الغرف الشافعي الأزهري شيخ الجامع الأزهر من أهل الطبقة الثانية الفقيه النحوي المعقولي حضر الأشياخ أجلهم الشيخ فارس وكالصعيد والدردير والفرماوي وتفقه على الشيخ عيسى البراوي ولازم دروسه وبه تخرج وأقرأ الدروس وأفاد الطلبة بالجامع المعروف بالفاكهاني بالقرب من دار سكناه بخشقدم مهذب النفس مع التواضع والانكسار والبشاشة لكل واحد من الناس ويشمر ثيابه ويخدم بنفسه ويكنس الجامع ويسرج القناديل ولما توفي الشيخ عبد الله الشرقاوي اختاروه للمشيخة فامتنع وهرب إلى مصر العتيقة بعدما جرى ما تقدم ذكره من تصدر الشيخ محمد المهدي فأحضروه قهرًا عنه وتلبس بالمشيخة مع ملازمته لجامع الفاكهاني كعادته وأقبلت عليه الدنيا فلم يتهنأ بها واعترته الأمراض وتعلل بالزخير أشهرًا ثم عوفي ثم بآخره بالبرودة وانقطع بالدار كذلك أشهرًا ولم يزل منقطعًا حتى توفي يوم الأربعاء رابع عشري المحرم وصلي عليه بالأزهر في مشهد عظيم ودفن بتربة المجاورين وله تآليف منها حاشية جليلة على شرح الشيخ عبد السلام علي الجوهرة مشهورة بأيدي الطلبة وكان يجيد حفظ القرآن ويقرأ مع فقهاء الجوقة في الليالي وتقلد المشيخة بعده الشيخ العلامة السيد محمد ابن شيخنا الشيخ أحمد العروسي من غير منازع وبإجماع أهل الوقت ولبس الخلع من بيوت الأعيان مثل البكري ومات العمدة الشيخ محمد بن أحمد بن محمد المعروف هو بالدواخلي الشافعي ويقال له السيد محمد لأن أباه تزوج بفاطمة بنت السيد عبد الوهاب البرديني فولد له المترجم منها ومنها جاءه الشرف وهم من محلة الداخل بالغربية وولد المترجم بمصر وتربى في حجر أبيه وحفظ القرآن واجتهد في طلب العلم وحضر الأشياخ من أهل وقته كالشيخ محمد عرفة الدسوقي والشيخ مصطفى الصاوي وخلافه من أشياخ هذا العصر ولازم الشيخ عبد الله الشرقاوي في فقه مذهبه وغيره من العقولات ملازمة كلية وانتسب له وصار من أخص تلامذته ولما مات السيد مصطفى الدمنهوري الذي كان بمنزلة كتخداه قام مقامه واشتهر به وأقرأ الدروس الفقهية والمعقولية وحف به الطلبة وتداخل في قضايا الدعاوي والمصالح بين الناس واشتهر ذكره وخصوصًا أيام الفرنساوية حين تقلد شيخه رآسة ديوانهم وانتفع في أيامهم انتفاعًا عظيمًا من تصديه لقضايا نساء الأمراء المصرية وغيرهم ومات والده فأحرز ميراثه وكذلك لما قتل عديله الحاج مصطفى البشتيلي في الحرابة ببولاق لا عن وارث فاستولى على تعلقاته وأطيانه وبستانه التي ببشتيل واتسع حاله واشترى العبيد والجواري والخدم ولما ارتحل الفرنساوية ودخلها العثمانيون انطوى إلى السيد أحمد المحروقي لأنه كان يراسله سرًا بالأخبار حين خرج مع العثمانيين في الكسرة إلى الشام فلما رجع فراعاه وراشاه ونوه بذكره عند أهل الدولة وفي أيام الأمراء المصريين حين رجعوا إلى مصر بعد قتل طاهر باشا في سنة ثمان عشرة واحتوى على رزق وأطيان وحصص التزام ولبس الفراوي بالأقية وركب البغال وأحدق به الأشياخ والأتباع وعنده ميل عظيم للتقدم والرياسة ولا يقنع بالكثير ولما وقع ما وقع في ولاية محمد علي باشا وانفرد السيد عمر أفنجي في الرياسة وصار بيده مقاليد الأمور ازداد به الحسد فكان هو من أكبر الساعين عليه سرًا مع المهدي وباقي الأشياخ حتى أوقعوا به وأخرجه الباشا من مصر كما تقدم فعند ذلك صفا لهم الوقت وتقلد المترجم النقابة بعد موت الشيخ محمد بن وفأ وركب الخيول ولبس التاج الكبير ومشت أمامه الجاويشية والمقدمون وأرباب الخدم وازدحم بيته بأرباب الدعاوي والشكاوي وعمر دار سكنهم القديمة بكفر الطماعين وأدخل فيها دورًا وأنشأ تجاهها مسجدًا لطيفًا وجعل فيه منبرًا وخطبة وعمر دارًا ببركة جناق وأسكنها إحدى زوجاته وداخله الغرور وظن أن الوقت قد صفا له فأول ما ابتدأه به الدهر من نكباته أن مات ولده أحمد وكان قد ناهز البلوغ ولم يكن له من الأولاد الذكور غيره فوجد عليه وجدًا شديدًا حتى كان يتكلم بكلام نقمه الناس عليه وعمل ميتمًا ودفنه بمسجده تجاه بيته وعمل عليه مقامًا ومقصورة مثل المقامات التي تقصد للزيارة وكان موته في منتصف سنة تسع وعشرين ووقعت حادثة قومة العسكر على الباشا في أواخر شهر شعبان من السنة المذكورة والمترجم إذ ذاك من أعيان الرؤوس يطلع وينزل في كل ليلة إلى القلعة ويشار إليه ويحل ويعقد في قضايا الناس ويسترسل معه الباشا كما تقدم ذكر ذلك وداخله الغرور الزائد ولقد تطاول على كبار الكتبة الأقباط وغيرهم ويراجع الباشا في مطالبه بعد انقضاء الفتنة إلى أن ضاق صدر الباشا منه وأمر بإخراجه ونفيه إلى دسوق وذلك في سنة إحدى وثلاثين فأقام بها أشهرًا ثم توجه بشفاعة السيد المحروقي إلى المحلة الكبرى فلم يزل بها متقلق الحواس منحرف المزاج متكدر الطبع وكل قليل يراسل اليد المحروقي في أن يشفع فيه عند الباشا ليأذن له في الحج مرة يحتج بالمرض ليموت في داره فلم يؤذن له في شيء من ذلك ولم يزل بالمحلة حتى توفي في منتصف شهر ربيع الأول من السنة ودفن هناك وكان رحمه الله يميل إلى الرياسة طبعًا وفيد حدة مزاج وهي التي كانت سببًا لموته بأجله رحمه الله تعالى وإيانا. ومات الصدر المعظم والدستور المكرم الوزير طاهر باشا ويقال أنه ابن أخت محمد علي باشا وكان ناظرًا على ديوان الكمرك ببولاق وعلى الخمامير ومصارفه من ذلك وشرع في عمارة داره التي بالأزبكية بجوار بيت الشرايبي تجاه جامع أزبك على طرف الميري وهي في الأصل بيت المدني ومحمود حسن واحترق منه جانب ثم هدم أكثرهما وخرج بالجدار إلى الرحبة وأخذ منها جانبًا وأخل فيه بيت رضوان كتخدا الذي يقال له ثلاثة ولية تسمية له باسم العامودين الرخام الملتفين على مكسلتي الباب الخارج وشيد البناء بخرجات في العلو متعددة وجعل بابه مثل باب القلعة ووضع في جهتيه العامودين المذكورين وصارت الدار كأنها قلعة مشيدة في غاية من الفخامة فما هو إلا أن قارب الإتمام وقد اعتراه المرض فسافر إلى الإسكندرية بقصد تبديل الهواء فأقام هناك أيامًا وتوفي في شهر جمادى الثانية وأحضروا رمته في أواخر الشهر ودفنوه بمدفنه الذي بناه محل بيت الزعفراني بجوار السيدة بقناطر السباع وترك ابنًا مراهقًا فأبقاه الباشا على منصب أبيه ونظامه وداره. ومات الأمير أيوب كتخدا الفلاح وهو مملوك الأمير مصطفى جاويش تابع صلاح الفلاح وكان آخر الأعيان المبجلين من جماعة الفلاح المشهورين وله عزوة وأتباع وبيته مفتوح للواردين ويحب العلماء والصلحاء ويتأدب معهم وكان الباشا يجله ويقبل شفاعته وكذلك أكابر الدولة في كل عصر وعلى كل حال كان لا بأس به توفي يوم الأربعاء لعشرين من شهر شعبان وقد جاوز سبعين رحمه الله تعالى. واستهلت
|